نبض الشارع
سجل و تمتع بخدمات موقعنا
ملاحضة
عملية التسجيل سهلة جدا فقط اسمك و ايميلك و رقم سري

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

نبض الشارع
سجل و تمتع بخدمات موقعنا
ملاحضة
عملية التسجيل سهلة جدا فقط اسمك و ايميلك و رقم سري
نبض الشارع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
nermeen
nermeen
35
35
انثى عدد المساهمات : 18007
ذهب : 36295
تقييم المشاركات : 265
تاريخ التسجيل : 10/09/2011

شرح قصيدة المتنبي يمدح سيف الدولة Empty شرح قصيدة المتنبي يمدح سيف الدولة

الأحد فبراير 26, 2012 10:50 am
شرح قصيدة المتنبي يمدح سيف الدولة
شرح قصيدة المتنبي يمدح سيف الدولة
شرح قصيدة المتنبي يمدح سيف الدولة
شرح قصيدة المتنبي يمدح سيف الدولة
شرح وتحليل : على قدر أهل العزم للمتنبي
________________________________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني كثيرا أن أضع بين أيديكم هذا الموضوع الذي طلب مني في وقت سابق ، مضيفا إليه بعض الأبيات ونظرا لأهميته وفائدته فضلت أن أجعله هنا حتى يستفيد منه الجميع في مقدمة الموضوع تجدون الأبيات التي شملها التحليل ،الذي اتبعت فيه ما يلي :
1 - التعريف الموجز بالشاعر
2 - إيضاح وتحليل
3 - الدراسة الأدبية للأبيات
4 - الدراسة البلاغية .أملي كبير أن يطلع عليه الكثير لما له من فائدة ، ولا أريد منكم سوى دعوة خالصة لوالدي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. أخوكم رشيد عباز / ابن الجزائر
قـــال أبو الطيب المتنبي :


على قدر أهل العزم تأتي العزائم **** وتأتي على قدر الكرام المكــــارم
وتعظم في عين الصغير صغارهــا **** وتصغر في عين العظيم العظـــائم
يكلف سيف الــدولة اليــــوم همــه **** و قد عجزت عنه الجيوش الخضارم
و يطلب عند الناس ما عند نفســــه **** وذلك ما لا تدعيه الضراغـــــــــــم
يفدي أتم الطيــر عمرا سلاحــــــه **** نسور الفلا أحداثها و االقشاعـــم
وما ضرها خلق بغير مخــــــــــالب **** وقد خلقت أسيافه و القوائـــــــم
هل الحدث الحمراء تعرف لونهـــــا **** و تعلم أي الساقيين االغمائـــــم
سقتها الغمام الغـــــر قبل نزولـ ـه **** فلما دنا منها سقتها الجماجـــــم
بناها فاعلى و القنا يقرع القنـــــا **** و موج المنايا حولها متلاطـــــــم
وكان بها مثل الجنـــــون فاصبحت **** ومن جثث القتلى عليها تمائـــــم
طريدة دهــر ساقها فرددتهــــــــا **** على الدين بالخطي و الدهر راغم

وكيف ترجى الروم و الفرس هدمها **** و ذا الطعن آساس لها و دعائــــم
وقــد حاكموها و المنايا حواكــــم **** فما مات مظلوم ولا عاش ظالــــــم
أتوك يجــرون الحديــد كأنمــــــــا **** سروا بجياد مالهــن قوائــــــــــم

إذا برقوا لم تعرف البيض منهـــــــم **** ثيابهم من مثلها و العمائـــــــــــم
خميس بشرق الأرض و الغــــــــــرب ****زحفه و في أذن الجوزاءمنه زمازم
تجمّــَع فيه كل لِِسْنٍ و أمــــــــــــة **** فما يُفهم الحدَّاث إلا التراجـــــــــم
فللّه وقت ذوب الغش نــــــــــــــاره **** فلم يبق إلا صارم أو ضبـــــــــارم
تقطَّع مالا يقطع الدهر و القنــــــــا **** و فر من الفرسان من لا يصــــــادم
وقفت و ما في الموت شك لواقــف **** كأنك في جفن الردى و هو نائــم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمـــــــــة **** و وجهك وضاح و ثغرك باســـــــم
تجاوزت مقدار الشجاعة و النهـــى **** إلى قول قوم انت بالغيب عالـــــم
ضممت جناحيهم على القلب ضمـــة **** تموت الخوافي تحتها و القـــــوادم
بضرب اتى الهامات و النصـر غائب **** و صار إلى اللبات و النصر قـــــادم
حقرت الردينيات حتى طرحتهــــــا **** و حتى كأن السيف للرمح شـــــاتم
ومن طلب الفتح الجليل فإنمـــــــا **** مفاتيحه البيض الخفاف الصــــــوارم
نثرتهم فوق الأُحَيدب كلـــــــــــــه **** كما نثرت فوق العروس الـــــــدراهم

تدوس بك الخيل الوكور على الذرى**** وقد كثرت حول الوكور المطـــاعم
تظن فراخ الفتخ أنك زرتهــــــــــا **** بأماتها وهي العتاق الصــــــــلادم
إذا زلقت مشيتها ببطونهــــــــــــا **** كما تتمشى في الصعيد الأراقـــــم
أفي كل يوم ذا الدمستق مقـــــدم **** قفاه على الإقام للوجه لائـــــــــــم
يسر بما أعطاك لا عن جهالـــــــة **** ولكن مغنوما نجا منك غـــــــــــانم
ولست مليكا هازما لنظيــــــــــره ***** ولكنك التوحيد للشرك هــــــــــازم

التعريف بالشـــاعر :
الشاعر هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الكوفي الكندي ( 303 – 354 هـ ) المعروف بالمتنبي ولد سنة 303 هـ بمحلة كندة بالكوفة ، وتربى فيها ولما بدت عليه أمارات النجابة أخذ العلم عن علماء الكوفة ثم انتقل إلى الشام ونزل بالقبائل البدوية فأخذ عنهم الفصاحة واستقام له الشعر.
وكان في المتنبي طموح جعله يتنقل كثيرا بين البوادي والحواضر يقصد العظماء واحدا بعد الآخر وكان من بين هؤلاء الذين اتصل بهم سيف الدولة الحمداني أمير حلب الذي قربه منه واصطحبه معه في رحلاته وحروبه، وظل المتنبي يسعد بتلك الصحبة ويتقلب في تلك النعمة حتى دس له بعض منافسيه عند سيف الدولة ، وأغضبوه عليه، ففر المتنبي إلى مصر ثم عاد بعدها إلى الكوفة ، ومنها رحل إلى فارس ثم عاد إلى العراق ، ولكنه قتل وهو في طريق عودته إليها سنة 354 هـ .
وللمتنبي ديوان يجمع الكثير من شعره الذي يدور حول المدح، والرثاء، والفخر، والهجاء ، والغزل ، والوصف والحكم .
كانت الحروب لا تكاد تهدأ بين دولة الحمدانيين ودولة الروم وكان من المعارك التي خاضها سيف الدولة ضد الروم معركة ( الحدث ) تلك التي يرجع سببها إلى أن الروم استولوا على ثغر من ثغور الدولة العربية يسمى ثغر الحدث ، وأرادوا هدم القلعة التي كان قد بناها به سيف الدولة فخرج الأمير الحمداني في سنة 343 هـ ولقي الروم في معركة طاحنة وقتل وأسر الألوف من جنودهم وانتهت المعركة بهزيمة منكرة لجيش الروم ، ونصر مبيت لسيف الدولة الذي أقام بعد ذلك بثغر الحدث حتى أعاد بناءه وأتم بناء قلعته. وكان المتنبي قد شهد تلك المعركة بنفسه، وأعجب ببطولة سيف الدولة ، فقال قصيدة رائعة سجل فيها أحداث تلك المعركة ومدح فيها سيف الدولة التي منها هذه الأبيات.

يتبع بإذن الله وعونه

التوقيعإذا المرء وفي الأربعين ولــم يكن ***** له دون ما يأتي حياة ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي أرتأى ***** وإن جر أسباب الحياة له الدهر




رد: شرح وتحليل : على قدر أهل العزم للمتنبي
________________________________________
إيضـــاح وتحليل


المتنبي من شعراء الحكمة المجيدين , يعبر بها عن تجاربه ويبثها في شعره وها هو قد استهل قصيدته ببيتين ضمنهما حكمته وفلسفته حيث يقول : أن الأمور تأتي على قدر فاعليها , وتقاس بمقدار همم أصحابها فعلى قدر ما يكون عندهم من تأكيد النية , والجد في الأمور تكون الإرادة الصلبة والعزائم قوية , وعلى قدر ما يتمتعون به من كرم النفس تكون الأفعال الكريمة ولذا نرى الناس يختلفون في النظر إلى الأمور ، فخائر العزيمة ضعيف الهمة يستعظم الشيء الصغير , ويرتضي الوضع الحقير , بينما صاحب الهمة العالية والنفس الكريمة يستصغر ما عظم من الأمر , ويأتي كل المكارم والمحامد .
ثم أعقب الشاعر حكمته ببيتين ضمنهما أن سيف الدولة من هذا الصنف العظيم الذي يتمتع بالإرادة الغلابة , والطموح لنيل أعلى مراتب الشرف والكرامة , ولذا فإنه يحمل جيشه على تحقيق ما تصبو إليه همته من الغزوات والفتوحات التي طالما عجزت عن مثلها الجيوش الكثيرة لأنها كانت تفتقد مثل همة سيف الدولة الذي يريد ممن يكون معه إن يكون مثله صلب العزيمة بعيد الهمة , وذلك أمر في الناس نادر وعجيب إذ انه لا تدعيه الأسود , فكيف يمكن وجوده في مجتمع البشر؟
ثم أعقبهما ببيتين آخرين أشاد فيهما بما فعله سيف الدولة بجيش الروم ولم يتوقف هذا عند الشاعر بل ها هي النسور تقول لأسلحته نفديك بأنفسنا لأنها كفتها التعب في طلب القوت ، وحتى أن هذه النسور لو خلقت بغير مخالب لما ضرها ذلك لأن سيوفه تغنيها عن طلب الصيد لكثرة قتلها الأعداء فلا تحتاج إلى المخالب.
وفي الأبيات الموالية يتحدث المتنبي عن قلعة الحدث بين الروم والعرب فيقول متسائلا : هل تعرف لون قلعة الحدث الذي كانت عليه قبل أن تلونها دماء الأعداء ؟ هل تعرف حقيقة ما أمطرها أهو الغمام أم الجماجم ؟ لقد كانت من قبل تسقى بمطر السحاب حتى إذا كان يوم المعركة سقيت بدماء الأعداء التي سالت عليها كما يسيل ماء المطر . إن هذه القلعة بناها وأعلى بناءها سيف الدولة , ورماحه تحطم رماح العدو , والقتل يتزايد حولها حتى كان المنايا بحر متلاطم الأمواج . وبعد أن كانت الحدث تعيش بسبب غارات الروم في اضطراب وفتنة أصبحت ساكنة وهادئة , إذ علق سيف الدولة على حوائطها جثث القتلى من الروم كما تعلى التمام على المصابين بالمس والجنون , فيهدءون في زعمهم لقد كانت كالطريدة تطاردها أحداث الدهر , وتتوالى عليها غارات الروم حتى قيضك الله - يا سيف الدولة - لها فدفعتهم عنها برماحك وأبقيت لها وجهها العربي وقهرت الزمن , وإنه لمن الغريب أن يطمع هؤلاء الأعداء من روم وروس في هدمها ولها من وسائل الدفاع وقوة الحماية ما يشبه أسسها ودعائمها متانة وقوة
ثم ينتقل الشاعر ويتحدث الشاعر عن قوة الاستعداد , ووفرة العدد في جيش الروم موجها قوله إلى سيف الدولة فيقول : لقد جاءك الأعداء في جيش تحمال فيه الخيول فرسانا مدججين بالسلاح لابسين الدروع , تغطي أسلحتهم ودروعهم قوائم الخيل حتى ليظنها الرائي خيولا بلا قوائم . وإذا سطعت الشمس على هؤلاء الجنود لمعت أسلحتهم ودروعهم وخوذهم , ولم يستطع من يراها أن يميز السيوف من غيرها ,إنهم جاؤوا في جيش كثير العدد , يدل في ذلك على أن زحفه يملأ فراغ الأرض شرقا وغربا وأن أصوات رجاله تصل إلى الجوزاء في السماء وأنه قد جمع فيه أجناس من الناس يتحدثون بلغات شتى ، ويستعينون في تفاهمهم بالترجمة , وما أعجب ذلك اليوم الذي تميز فيه الجيد من الرديء , حيث لم يثبت في تلك المعركة إلا كل سيف صارم , وكل بطل شجاع , بينما تحطم من السيوف ما لا قدرة له على قطع الدروع والرماح , وفر من الفرسان ما لا قدرة له على قطع الدروع والرماح .
ويمدح سيف الدولة فيقول له : لقد وقفت في ساحة القتال في وقت تتخطف فيه المنايا الأبطال من حولك , والموت يحيط بك ، لكن رباط جأشك , وثقتك بالله وبنفسك جعلت عناية الله ترعاك ، والموت يتخطاك كأنك في جفنه وهو غافل عنك فسلمت ولم يصبك سوء , على حين كان الإبطال من جند العدو يمر بك وقد ولوا منهزمين ، أوهنتهم جراحهم , واصفرت وجوههم , أما أنت فقد كنت ثابتا مشرق الوجه , باسم الثغر , ولقد أتيت من ضروب الإقدام , وأظهرت من الجرأة , ورسمت من الخطط ما لم يكن يتصوره عقل حتى قال عنك بعض الناس أنك تعلم الغيب وتعرف أن النصر لك . لقد هجمت على جنود العدو هجمة قوية مذهلة اختل بسببها نظامهم , واختلطت أقسامهم , واشتدت وطأة الهجوم عليهم فهلكوا جميعا , حيث لم تكن منك إلا حملت بالسيوف هوت على رؤوسهم , وما كادت السيوف تصل من رؤوسهم إلى نحورهم حتى تحقق لك النصر السريع الساحق عليهم .
وكان من دلائل شجاعتك وبطولتك أنك تركت الرماح لأنها تضرب من بعيد , وعمدت إلى السيوف التي تقتضي قربا والتحاما بالعدو , فأعليت بذلك شأن السيف وحقرت شأن الرمح حتى لكان السيف يعير الرمح بقلة نفعه وجدواه .
وليس في ذلك من عجب فإن من يطلب النصر العزيز والفتح المبين ليس له من سبيل إلى تحقيق غايته سوى التسلح بالسيوف القاطعة وبأكثر الأسلحة فعالية أو إيجابية .
لقد طرحت جثث القتلى من الأعداء فوق جبل الأحيدب مبعثرة في نواحي الجبل كما تبعثر الدراهم على رأس العروس ليلة الزفاف . ولقد تتبعت أعداءك في رؤوس الجبال حيث توجد أعشاش الطيور الجارحة فقتلتهم هناك وتركتهم طعاما للطير حول وكورها . ولقد ظنت فراخ العقبان حين رأتك تصعد الجبال بتلك الخيول انك جئتها بأماتها لأنها رأت الخيل سريعة منقضة عليها
وكنت إذا زلقت خيلك في صعودها ذلك الجبل الوعر جعلتها تمشي زحفا على بطونها كما تزحف الحياة فوق التراب , حرصا على إدراك العدو وملاحقته .
وفي ختام النص يذكر الشاعر لسيف الدولة حال قائد جيش الروم وفراره فيقول :
إن قائد الروم كان يقدم ويحجم , وعند إحجامه كان الضرب يقع في قفاه مما يجعل قفاه يلوم وجهه على الإقدام الذي نال بسببه هذا الضرب . وإن هذا القائد الذي نجا من يدك , وفر من وجهك المسرور بما بذل من تضحيات , ويعد نفسه غانما لا عن جهل منه بقيمة الضحايا من أصحابه وأدواته ولكن لأنه غنم منك روحه وحياته . وأخيرا يعود المتنبي ليقول لسيف الدولة : أن هذه المعركة التي ألحقت فيها الهزيمة بالروم لا تعد معركة بين ملكين هزم احدهما الآخر و وإنما هي أجل من ذلك وأعظم لأنها معركة الإيمان والعقيدة , كنت فيها رجل التوحيد , وحامل لواء الحق وقائد رجاله , وكان عدوك فيها رجل الشرك والباطل , فقذف الله بحقك على باطل عدوك فدمغه فإذا هو زاهق , وإذا الشرك مندحر , والإيمان منتصر .

رد: شرح وتحليل : على قدر أهل العزم للمتنبي
________________________________________
الدراسة الادبية :

هذا النص يندرج تحت غرض الشعر الحماسي الذي انتشر في العصر العباسي , وهذه القصيدة للمتنبي تعد سجلا تاريخيا يضم مفاخر إمارة عربية صغيرة استطاعت بفضل أميرها وقائدها أن تذيق إمبراطورية عظيمة ويلات الحرب , وتجرعها كأس الهزيمة , وتحول دون مطامعها التوسعية . والمتنبي شاعر العروبة النابه الذي حضر مع سيف الدولة معركة الحدث وأعجب بالأمير فأنشد في تلك المناسبة قصيدته هذه التي هي إحدى قصائده العديدة في سيف الدولة , وقد بدأها في ببيتين في الحكمة يمجد فيهما ذوي الطموح والمتطلعين إلى تحقيق الآمال العريضة , ولعله في ذلك يشبع رغبة في نفسه لأنه كان من أولئك الذين لا حد لطموحهم , ثم تناول بعد ذلك وصف قلعة الحدث وما تعرضت على أيدي الروم , وما نالته على يد سيف الدولة , ثم انتقل إلى وصف جيش الروم في زحفه , ما كان عليه من استعداد كامل وعدد هائل , ثم تحدث عن شجاعة سيف الدولة وبطولته وحسن تخطيطه للمعركة وصور المعركة ثم صور المعركة تصويرا واقعيا استمده مما رآه رأي العين و وانتهى إلى الحديث عن قائد جيش العدو الذي لاذ بالفرار , والأفكار على هذا النحو مرتبة منسقة , والمعاني عميقة دقيقة , واضحة مؤتلفة , تدل على قدرة الشاعر الفائقة في جمع الأفكار والتنسيق بينها في نسق رائع , ونظم جميل وإذا كان بعض هذه الأفكار قد جاء قديما مطروقا فإن بعضها تبدو طرافته وجدته كما في قوله :
بضرب أتى الهامات والنصر غائب وصار إلى اللبات والنصر قادم
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه وفي أذن الجوزاء منه زمازم
ولئن كان الشاعر قد لجأ إلى المبالغة أحيانا كما في قوله " بجياد ما لهن قوائم " " تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى " " إذا زلقت مشيتها ببطونها " فإن ذلك أمر مقبول منه لا يفسد المعنى بل يستدعيه المقام
وكان من الجميل فيما عرضه الشاعر تصويره جيش العدو في قوته وكثرته ليجعل بعد ذلك انتصار سيف الدولة عليه شيئا ينطوي عل العظمة ويدعو للفخار
وإنه ليتجلى لنا حين نتأمل النص أن الشاعر كان يعبر عن انفعال صادق وعاطفته جياشة بحب سيف الدولة , والإعجاب به والفرحة بالنصر ورد كيد العدو .
وهذا يمكننا أن ننتهي إلى أن الشاعر بقصيدته هذه كان ابن مجتمعه وعصره يعبر عنهما , ويعكس ما يجري فيهما على مرآة شعره .
الدراسة البلاغية :

عندما نتأمل أسلوب النص نرى أنه جمع بين الأساليب الخبرية والإنشائية بحسب ما يقتضيه المقام , غير أن الأسلوب الخبري كان هو الغالب على النص , وقد قصد منه معظم الأحيان المدح والتعظيم , ولعل الميل إلى الأسلوب الخبري راجع إلى أنه أنسب لمثل هذا الموقف الذي يقف المتنبي ليصف ويمدح عن طريق عرض المشاهد وسرد الصفات كما أن الشاعر أعطى كل معنى ما يلائمه ولذلك نرى أنه عمد إلى التقديم الذي يدل على الاهتمام , في قوله " على قدر أهل العزم تأتي العزائم " , كما نراه حين أراد أن يمتدح السيوف جعلها وحدها حتى تأتي بالنصر , واستعمل لذلك أسلوب القصر في كلمة : إنما في قوله " إنما مفاتيحه البيض " , فالشاعر قصر النصر على السيوف دون غيرها بكلمة إنما التي تقدمت في الجملة .
أما الخيال في النص فقد جاء صافيا يصور المعاني , ويوضح الأفكار , وقد تنوعت فيه الصور بين واقعية مستمدة من واقع المعركة ومشاهدة الشاعر كتلك التي يصور بها جيش الروم والتي يصف بها الدولة ، وبين خيالية من تشبيه واستعارة وكناية .
وكان التشبيه في قوله : " نثرتهم فوق الأحيدب نثرة كما نثرت فوق العروس الدراهم " وغيره من التشبيهات الجميلة التي تبرز المعنى وتوضحه , وإن كان هذا التشبيه الأخير قد اعترض على الشاعر فيه بأن طرق التشبيه غير متلائمين
وجاءت الاستعارة في كثل قوله : " هل الحدث الحمراء تعرف لونها " " موج المنايا حوله متلاطم " " أذن الجوزاء " " جفن الردى " " السيف للرمح شاتم " وبالنص كثير غير ذلك من أساليب الاستعارة التي تقوي المعنى وتثبته
وجاءت الكناية بوفرة في النص مثل قوله : " أتوك يجرون الحديد " فهو كناية عن قوة العدة وكثرتها , وقوله : خميس بشرق الأرض والغرب زحفه " , " في أذن الجوزاء زمازم " فهما كنايتان عن كثرة الجيش . وقوله : " ضمت تموت الخوافي تحتها والقوادم " و فهو كناية عن قسوة هذه الضمة على الأعداء , إلى غير ذلك من الصور البيانية التي حفل بها النص , وساعدت على تبيين المعنى وتأكيده في الذهن ؟
هذا وقد قلت في النص المحسنات البديعية , لأن المتنبي لم يكن من شعراء الصنعة , ولذا فإن ما جاء في الأبيات من ألوان البديع كان حسن الوقع لأنه غير مقصود ولا متكلف , كالمقابلة التي نجدها في البيت الثاني , والطباق في مثل : " ساقها فرددتها " " والخوافي والقوادم "
إما عبارة النص فكانت جزلة رصينة تناسب الغرض , وتجانس الأفكار , فقد اختار الشاعر لكل فكرة ما يلائمها من الألفاظ والكلمات ، ومن أمثلة ذلك أنه عند وصف المعركة استعمل كلمات : الحديد الجياد , خميس , زحف صارم , الفرسان . وعند المدح أتى بألفاظ : وضاح , باسم , بالغيب عالم , النصر قادم . وعند حديثه عن قائد الروم أتى بكلمات قفاه لائم , مغنوم . وهكذا وضع الشاعر كل لفظة في المكان الذي توحي فيه بما يناسب المضمون و ويعبر عن المقصود .
والقصيدة من بحر الطويل ، وأجزاؤه :
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ***** فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى