- Glory10
- عدد المساهمات : 461
ذهب : 935
تقييم المشاركات : 2
تاريخ التسجيل : 10/09/2011
الموقع : معان
حكومة البخيت ....وزراء مرهقون ورئيس يحلم بشتاء هادئ طويل
الجمعة سبتمبر 30, 2011 4:34 pm
تحمل المرحلة المقبلة استحقاقات ثقيلة على الصعيد المحلي والعربي, وربما العالمي مما يرتب على شخص رئيس الحكومة القادم تكاليف سياسية ربما تنوء بها العصبة من الرجال.ولعل أكبر المعضلات التي تعترض مسيرة الدولة في صعودها الى النموذج السياسي الناضج يتمثل في قصر عمر الحكومات التي لا يكاد وزراؤها ينسجمون مع طريق الدوار الرابع إلا ويرحلون باتجاه معاكس وبعضهم يحضر من دون أن يعرف كيف أتى ولماذا رحل?!!
المحللون يقولون ان الأزمة العالمية ستفرش الارض لحكم عالمي من نوع جديد وهو حكم 'المؤسسات البنكية'التي حسمت معركتها مع الشركات العملاقة وسنداتها الوهمية واكتنزت- بعد الإحجام عن الإقراض- لذلك صارت تحكم قبضتها على كم من السيولة وتفرض شروطها على الحكومات وربما الشعوب.وهذا يتطلب مستقبلا فريقا اقتصاديا بنكي الخبرة, قادراعلى استشعار موجة القرار البنكي العالمي, كما يتطلب التجديد وزارة تحمل تسمية ذات صلة بالمرحلة البنكية المقبلة.
في القريب العاجل سيلقي انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي بظلال ضخمة على مسمى الوزارات, وربما سنشهد تسمية وزارة الأمن القومي تترأسها شخصية بتاريخ بوليسي وعمق عشائري وقدرة على تنسيق أمني عال مع الأشقاء الخليجيين.
التغيير المقبل - وفق مراقبين - يتضمن شكلا حكوميا قريبا إلى مفهوم 'الوزراء البرلمانيين' سيفهم شعبيا بأنه حكومة برلمانية -وهناك فرق شاسع بين الشكلين في المفاهيم السياسية الديمقراطية -فالأول يعني أن يتم اختيار وزراء - وربما من بينهم رئيسهم-خاضوا تجربة برلمانية وهذا النمط الحكومي تم تجريبه في حكومات سابقة. لكن هذا الشكل الذي يرجح اللجوء إليه,عليه تحفظات مستندة الى تجربة توزير النواب لما تتضمنه من توريط خبرة 'النيابي الرقابي' في العمل الوظيفي الفني وهو يحسم عادة لصالح الأخير وفق تصريحات عدد ممن جربوا المنصب.
وأما الشكل الثاني للحكومات - البرلمانية ببعده الحزبي- فهو النمط الديمقراطي الحقيقي وبموجبه تتقدم الأحزاب لخوض الانتخابات النيابية على أسس برامجية ويشكل الحزب الذي يحصد الأغلبية البرلمانية الحكومة,وهذا النمط مستبعد في ضوء الضعف الذي يواجه الأحزاب الأردنية الآن ويحتاج الى قانوني أحزاب وانتخاب وعقلية شعبية خاصة تتجاوز الفزعة والمناطقية والهويات الفرعية.وربما لو طبق الآن فسيؤدي الى فوز حزب وحيد عامل بالساحة بامتدادات عددية وهو حزب جبهة العمل الإسلامي وتطبيقه في هذه الظروف يتنافى مع مبدأ المنافسة الديمقراطية لغياب الحزب المنافس والمنظم بالشكل الذي يبدو عليه حزب جبهة العمل الإسلامي.
غياب الحكومة البرلمانية يضع الحالة الديمقراطية ومبادئ النزاهة والشفافية في دوامة الظرف الضاغط, وبدلا من أن تخضع محاسبة الوزراء لمعايير وقوانين سياسية تصبح خاضعة لمعايير جنائية أو مفاهيم الفزعة والضغط الشعبي والبرلماني وهو ما يضعف مسيرة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ولسنا بعيدين عن هذه التجارب.
ومن الملاحظ في تشكيل فسيفساء الحكومات الأردنية-إذا ما استثنينا موجة الخمسينيات والستينيات- غياب النظر الى التصنيف السياسي لشكل الحكومة والاعتماد على مبادئ سائدة في العالم الثالث من طراز التوزيع الجغرافي والعلاقة مع الظرف الخارجي والقدرات الفردية والتاريخ العائلي والشخصي. وأما شخص رئيس الحكومة فيخضع لاعتبارات غامضة ربما عجزت وسائل الإعلام ومراصد التحليل في أن تلتقط موجتها وخاصة في العقدين الماضيين من عمر الدولة.لدرجة أن بعض المراكز لجأت الآن إلى استطلاع الرأي كتجربة لها ايجابياتها في رصد الميل الشعبي لرئيس الحكومة القادم. وربما يكون الأسلوب العلمي-الاستطلاع-خير بديل عن كميات الصابون التي تستهلكها الصالونات السياسية-التي انتقدها الملك عبد الله الثاني في حوارات صحافية سابقة- وهي 'ترغي' وتمارس التشويش مع كل حكومة يمر على تشكيلها ستة أشهر فتبدأ اسطوانة التعديل الوزاري, وبعد أقل من شهرين على التعديل تبدأ اسطوانة رحيل الحكومة وهذا يشكل نهجا قريبا من 'الحكواتي' الذي يروي قصص أبو زيد الهلالي والزير سالم بينما يغيب التحليل العلمي المعهود في النهج السياسي.ويبقى التحليل حول مستقبل الحكومات خاضعا لمعايير الأهواء والأطماع الشخصية لأشخاص أوشك أن يفوتهم قطار التوزير أو يكاد يطوف بهم.
هذه الممارسات تسببت في تدمير غير مباشر للقرار السياسي الأردني حيث تعيش الحكومات في حرب أعصاب. وكل حكومة بعد مرور فترة على تشكيلها تبدأ بالتعرض للقصف مما يصيب أعضاء الفريق الوزاري بالقلق والإحباط وضعف الانجاز من باب أن 'الرحيل وشيك' وربما يضطر التشويش بعض الوزراء للوقوع في فخ القرار الارتجالي.ويتخذ الحديث عن الرحيل الحكومي طابعا أقسى إذ يصيب رئيس الحكومة نفسه بالأرق, وما ان تحين ساعة الرحيل حتى يكون الرئيس قد أصيب بانهيار عصبي يفقد معه اتزانه وربما يبادر شخصيا الى تقديم استقالته بعد أن تكون ساعة أعصابه الرملية قد نفدت.
الظاهرة الأخطر في السياق هي حجم الإشاعات والهمس الذي يدور في الشارع الاردني والإعلام حول سبب رحيل الحكومة ومنها, (الفساد وعدم الانسجام مع مؤسسات أخرى أو إغضاب مرجعيات عليا) وما الى ذلك من التكهنات التي ليس من بينها تكهن سليم ومنطقي ألا وهو انتهاء العمر الافتراضي للحكومة واستنفاد أسباب بقائها مما استوجب ترحيلها.فالحكومات تشيخ بيولوجيا وتصاب بمرض الزهايمر وعدم القدرة على الانجاز أو تذكر فقرات كتاب التكليف السامي في خضم تسارع الأحداث والضغط الفني.وربما يقول لسان حال الحكومة الحالية-بحسب تسريبات بعض وزرائها للإعلام-أن الوزراء مرهقون ورئيسهم يطمع بشتاء هادئ طويل'.
وما يلفت نظر المتابعين للمشهد المحلي في سياق الرحيل والمجيء الحكومي 'غياب تركيم الانجاز' وافتقار المؤسسة الحكومية الى دائرة فنية تعنى بالمشاريع الإستراتيجية ومتابعتها فيسقط القرار السياسي المحلي في دائرة التجريب .ولم يحدث أن سمعنا برئيس حكومة يجتمع بسلفه ويصغي باهتمام لتجربته بل يتعامل الرئيس الجديد مع القديم بمبدأ 'لكل شيخ طريقته' واعتاد الشارع على نهج 'الجفاء السياسي' بين حكومتين متتاليتين يبرز فيها لفظ 'حكومتي وحكومته ' مع أن الأصل أن يقال حكومات الوطن.
وبالعودة الى الحكومة الحالية فإن بعض الانجاز الصامت لم يشفع وصبرها وهي تكابد ملفات ساخنة بين غليان شعبي متواصل وموازنة تعاني من فقر دم مزمن ومشاريع رأسمالية معطلة وملفات سياسية ضاغطة لدرجة أن بعض الوزراء أسرّ بأنه 'ينام في مكتبه أحيانا,' وآخر اعترف لأصدقائه في الإعلام 'انه يمر عليه أسابيع لا يجتمع بأبنائه على مائدة غداء '.هذه الوقائع لم تجد لها نافذة في الإعلام الذي ركز على السلبيات التي لم تهتم الحكومة بدورها بتلطيف وقعها فكانت معالجاتها للمحطات الساخنة ارتجالية وبردود أفعال, ويبرز ملف البنك المركزي أبو المؤسسات المصرفية الأردنية كملف ساخن ما كان يجب ان يثار بالطريقة التي أثير بها.
الحكومة الآن منهكة ولا تكاد تجد أرضية صلبة تضع خطواتها عليها وهي تئن تحت ثقل ملفات نالت من عزيمتها بدءا بقضية مصفاة البترول ومرورا ب¯ 'الكازينو غيت' وليس انتهاء بالاعتصامات شبه اليومية التي نهشت أطراف الحكومة وفتتت مساعيها ولسان حالها يقول: 'آن أوان الاستراحة من مشوار زمني تجاوز الشهور الثمانية تخلله تعديل هزيل جاء مسبوقا بعاصفة استقالات وزارية أدت إلى زعزعة 'الاستقرار المنهجي' لحكومة تقدمت ببرنامج ضخم لبرلمان ساكن لم تستطع تحقيقه, بل ولم تحافظ على وعدها بحماية لقمة عيش المواطن, حيث مسّت بأبسط وسائل العيش فرفعت الدعم عن المياه لتتضاعف الفاتورة, ورفعت سعر الكهرباء 'خلسة' وأظلمت شوارع المملكة مع حلول منتصف الليل بسبب ظرف موضوعي ضاغط تمثل بالتزويد بالغاز المصري.وحتى مزايا الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي يبدو أن عمر الحكومة لن يفيد منه.ليترجل صاحب اللقب الجديد ويخوض التجربة بفريقه المنتظر.
ووفق مختصين بمتابعة الملفات المحلية فإن الحكومة القادمة ستمتلك مواصفات مفاجئة للحالة السياسية في الأردن وتضم رجالات يتمتعون ببعد محلي وعلاقات متينة في البعد العربي .وبخصوص رجال المرحلة المقبلة تبرز أسماء خبيرة في العمل السياسي الأردني - لكنها من مدارس متضاربة. ويلاحظ أن الأسماء التي يتداولها الإعلام ليست بالجديدة وتستند الى مجرد استدعاء المراجع العليا لبعضها ربما لحديث خاص في الشأن العام. وربما يكون عنصر المفاجأة هو الأرجح في اختيار رئيس الحكومة القادم الذي ربما يتجاوز جميع هذه الأسماء.
وتشير التوقعات أن شخصية رئيس الحكومة القادم يتمتع بقبول شعبي وقدرة على محاورة تيار الإخوان المسلمين و'توطين طموحاته' ونسج علاقة متينة مع تيار 'الحكماء' في الجماعة.كما أن الحكومة القادمة ستكون أمام اختبار صعب يتعلق بإجراء انتخابات خالية من الطعون وشبهات الفساد وتعيد ثقة التيارات السياسية والشارع بالنهج الحكومي.وستشهد إشراك مزيد من الحزبيين.
بالمحصلة يرى مراقبون أن الأردن عام 2012سيدخل مرحلة إصلاحية جديدة تشبع نهم العيون التي تراقب وترصد من حولنا على المستوى العربي والعالمي, وستتضمن المرحلة محاولة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي والسياسي بين النظام ومؤسسات الدولة والشعب, وفيما إذا نجحت 'الإرادة السياسية العليا' في تحقيق ذلك فإن نموذجا لدولة فريدة سيخلق في منطقة الشرق الأوسط قابلة للحياة والانطلاق في محيط عربي متلاطم, ولكن اكتمال الرهان على ذلك مرتبط مباشرة بالدعم العربي للأردن ونوايا المجتمع الدولي تجاه الحالة السياسية في الأردن.
المحللون يقولون ان الأزمة العالمية ستفرش الارض لحكم عالمي من نوع جديد وهو حكم 'المؤسسات البنكية'التي حسمت معركتها مع الشركات العملاقة وسنداتها الوهمية واكتنزت- بعد الإحجام عن الإقراض- لذلك صارت تحكم قبضتها على كم من السيولة وتفرض شروطها على الحكومات وربما الشعوب.وهذا يتطلب مستقبلا فريقا اقتصاديا بنكي الخبرة, قادراعلى استشعار موجة القرار البنكي العالمي, كما يتطلب التجديد وزارة تحمل تسمية ذات صلة بالمرحلة البنكية المقبلة.
في القريب العاجل سيلقي انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي بظلال ضخمة على مسمى الوزارات, وربما سنشهد تسمية وزارة الأمن القومي تترأسها شخصية بتاريخ بوليسي وعمق عشائري وقدرة على تنسيق أمني عال مع الأشقاء الخليجيين.
التغيير المقبل - وفق مراقبين - يتضمن شكلا حكوميا قريبا إلى مفهوم 'الوزراء البرلمانيين' سيفهم شعبيا بأنه حكومة برلمانية -وهناك فرق شاسع بين الشكلين في المفاهيم السياسية الديمقراطية -فالأول يعني أن يتم اختيار وزراء - وربما من بينهم رئيسهم-خاضوا تجربة برلمانية وهذا النمط الحكومي تم تجريبه في حكومات سابقة. لكن هذا الشكل الذي يرجح اللجوء إليه,عليه تحفظات مستندة الى تجربة توزير النواب لما تتضمنه من توريط خبرة 'النيابي الرقابي' في العمل الوظيفي الفني وهو يحسم عادة لصالح الأخير وفق تصريحات عدد ممن جربوا المنصب.
وأما الشكل الثاني للحكومات - البرلمانية ببعده الحزبي- فهو النمط الديمقراطي الحقيقي وبموجبه تتقدم الأحزاب لخوض الانتخابات النيابية على أسس برامجية ويشكل الحزب الذي يحصد الأغلبية البرلمانية الحكومة,وهذا النمط مستبعد في ضوء الضعف الذي يواجه الأحزاب الأردنية الآن ويحتاج الى قانوني أحزاب وانتخاب وعقلية شعبية خاصة تتجاوز الفزعة والمناطقية والهويات الفرعية.وربما لو طبق الآن فسيؤدي الى فوز حزب وحيد عامل بالساحة بامتدادات عددية وهو حزب جبهة العمل الإسلامي وتطبيقه في هذه الظروف يتنافى مع مبدأ المنافسة الديمقراطية لغياب الحزب المنافس والمنظم بالشكل الذي يبدو عليه حزب جبهة العمل الإسلامي.
غياب الحكومة البرلمانية يضع الحالة الديمقراطية ومبادئ النزاهة والشفافية في دوامة الظرف الضاغط, وبدلا من أن تخضع محاسبة الوزراء لمعايير وقوانين سياسية تصبح خاضعة لمعايير جنائية أو مفاهيم الفزعة والضغط الشعبي والبرلماني وهو ما يضعف مسيرة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ولسنا بعيدين عن هذه التجارب.
ومن الملاحظ في تشكيل فسيفساء الحكومات الأردنية-إذا ما استثنينا موجة الخمسينيات والستينيات- غياب النظر الى التصنيف السياسي لشكل الحكومة والاعتماد على مبادئ سائدة في العالم الثالث من طراز التوزيع الجغرافي والعلاقة مع الظرف الخارجي والقدرات الفردية والتاريخ العائلي والشخصي. وأما شخص رئيس الحكومة فيخضع لاعتبارات غامضة ربما عجزت وسائل الإعلام ومراصد التحليل في أن تلتقط موجتها وخاصة في العقدين الماضيين من عمر الدولة.لدرجة أن بعض المراكز لجأت الآن إلى استطلاع الرأي كتجربة لها ايجابياتها في رصد الميل الشعبي لرئيس الحكومة القادم. وربما يكون الأسلوب العلمي-الاستطلاع-خير بديل عن كميات الصابون التي تستهلكها الصالونات السياسية-التي انتقدها الملك عبد الله الثاني في حوارات صحافية سابقة- وهي 'ترغي' وتمارس التشويش مع كل حكومة يمر على تشكيلها ستة أشهر فتبدأ اسطوانة التعديل الوزاري, وبعد أقل من شهرين على التعديل تبدأ اسطوانة رحيل الحكومة وهذا يشكل نهجا قريبا من 'الحكواتي' الذي يروي قصص أبو زيد الهلالي والزير سالم بينما يغيب التحليل العلمي المعهود في النهج السياسي.ويبقى التحليل حول مستقبل الحكومات خاضعا لمعايير الأهواء والأطماع الشخصية لأشخاص أوشك أن يفوتهم قطار التوزير أو يكاد يطوف بهم.
هذه الممارسات تسببت في تدمير غير مباشر للقرار السياسي الأردني حيث تعيش الحكومات في حرب أعصاب. وكل حكومة بعد مرور فترة على تشكيلها تبدأ بالتعرض للقصف مما يصيب أعضاء الفريق الوزاري بالقلق والإحباط وضعف الانجاز من باب أن 'الرحيل وشيك' وربما يضطر التشويش بعض الوزراء للوقوع في فخ القرار الارتجالي.ويتخذ الحديث عن الرحيل الحكومي طابعا أقسى إذ يصيب رئيس الحكومة نفسه بالأرق, وما ان تحين ساعة الرحيل حتى يكون الرئيس قد أصيب بانهيار عصبي يفقد معه اتزانه وربما يبادر شخصيا الى تقديم استقالته بعد أن تكون ساعة أعصابه الرملية قد نفدت.
الظاهرة الأخطر في السياق هي حجم الإشاعات والهمس الذي يدور في الشارع الاردني والإعلام حول سبب رحيل الحكومة ومنها, (الفساد وعدم الانسجام مع مؤسسات أخرى أو إغضاب مرجعيات عليا) وما الى ذلك من التكهنات التي ليس من بينها تكهن سليم ومنطقي ألا وهو انتهاء العمر الافتراضي للحكومة واستنفاد أسباب بقائها مما استوجب ترحيلها.فالحكومات تشيخ بيولوجيا وتصاب بمرض الزهايمر وعدم القدرة على الانجاز أو تذكر فقرات كتاب التكليف السامي في خضم تسارع الأحداث والضغط الفني.وربما يقول لسان حال الحكومة الحالية-بحسب تسريبات بعض وزرائها للإعلام-أن الوزراء مرهقون ورئيسهم يطمع بشتاء هادئ طويل'.
وما يلفت نظر المتابعين للمشهد المحلي في سياق الرحيل والمجيء الحكومي 'غياب تركيم الانجاز' وافتقار المؤسسة الحكومية الى دائرة فنية تعنى بالمشاريع الإستراتيجية ومتابعتها فيسقط القرار السياسي المحلي في دائرة التجريب .ولم يحدث أن سمعنا برئيس حكومة يجتمع بسلفه ويصغي باهتمام لتجربته بل يتعامل الرئيس الجديد مع القديم بمبدأ 'لكل شيخ طريقته' واعتاد الشارع على نهج 'الجفاء السياسي' بين حكومتين متتاليتين يبرز فيها لفظ 'حكومتي وحكومته ' مع أن الأصل أن يقال حكومات الوطن.
وبالعودة الى الحكومة الحالية فإن بعض الانجاز الصامت لم يشفع وصبرها وهي تكابد ملفات ساخنة بين غليان شعبي متواصل وموازنة تعاني من فقر دم مزمن ومشاريع رأسمالية معطلة وملفات سياسية ضاغطة لدرجة أن بعض الوزراء أسرّ بأنه 'ينام في مكتبه أحيانا,' وآخر اعترف لأصدقائه في الإعلام 'انه يمر عليه أسابيع لا يجتمع بأبنائه على مائدة غداء '.هذه الوقائع لم تجد لها نافذة في الإعلام الذي ركز على السلبيات التي لم تهتم الحكومة بدورها بتلطيف وقعها فكانت معالجاتها للمحطات الساخنة ارتجالية وبردود أفعال, ويبرز ملف البنك المركزي أبو المؤسسات المصرفية الأردنية كملف ساخن ما كان يجب ان يثار بالطريقة التي أثير بها.
الحكومة الآن منهكة ولا تكاد تجد أرضية صلبة تضع خطواتها عليها وهي تئن تحت ثقل ملفات نالت من عزيمتها بدءا بقضية مصفاة البترول ومرورا ب¯ 'الكازينو غيت' وليس انتهاء بالاعتصامات شبه اليومية التي نهشت أطراف الحكومة وفتتت مساعيها ولسان حالها يقول: 'آن أوان الاستراحة من مشوار زمني تجاوز الشهور الثمانية تخلله تعديل هزيل جاء مسبوقا بعاصفة استقالات وزارية أدت إلى زعزعة 'الاستقرار المنهجي' لحكومة تقدمت ببرنامج ضخم لبرلمان ساكن لم تستطع تحقيقه, بل ولم تحافظ على وعدها بحماية لقمة عيش المواطن, حيث مسّت بأبسط وسائل العيش فرفعت الدعم عن المياه لتتضاعف الفاتورة, ورفعت سعر الكهرباء 'خلسة' وأظلمت شوارع المملكة مع حلول منتصف الليل بسبب ظرف موضوعي ضاغط تمثل بالتزويد بالغاز المصري.وحتى مزايا الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي يبدو أن عمر الحكومة لن يفيد منه.ليترجل صاحب اللقب الجديد ويخوض التجربة بفريقه المنتظر.
ووفق مختصين بمتابعة الملفات المحلية فإن الحكومة القادمة ستمتلك مواصفات مفاجئة للحالة السياسية في الأردن وتضم رجالات يتمتعون ببعد محلي وعلاقات متينة في البعد العربي .وبخصوص رجال المرحلة المقبلة تبرز أسماء خبيرة في العمل السياسي الأردني - لكنها من مدارس متضاربة. ويلاحظ أن الأسماء التي يتداولها الإعلام ليست بالجديدة وتستند الى مجرد استدعاء المراجع العليا لبعضها ربما لحديث خاص في الشأن العام. وربما يكون عنصر المفاجأة هو الأرجح في اختيار رئيس الحكومة القادم الذي ربما يتجاوز جميع هذه الأسماء.
وتشير التوقعات أن شخصية رئيس الحكومة القادم يتمتع بقبول شعبي وقدرة على محاورة تيار الإخوان المسلمين و'توطين طموحاته' ونسج علاقة متينة مع تيار 'الحكماء' في الجماعة.كما أن الحكومة القادمة ستكون أمام اختبار صعب يتعلق بإجراء انتخابات خالية من الطعون وشبهات الفساد وتعيد ثقة التيارات السياسية والشارع بالنهج الحكومي.وستشهد إشراك مزيد من الحزبيين.
بالمحصلة يرى مراقبون أن الأردن عام 2012سيدخل مرحلة إصلاحية جديدة تشبع نهم العيون التي تراقب وترصد من حولنا على المستوى العربي والعالمي, وستتضمن المرحلة محاولة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي والسياسي بين النظام ومؤسسات الدولة والشعب, وفيما إذا نجحت 'الإرادة السياسية العليا' في تحقيق ذلك فإن نموذجا لدولة فريدة سيخلق في منطقة الشرق الأوسط قابلة للحياة والانطلاق في محيط عربي متلاطم, ولكن اكتمال الرهان على ذلك مرتبط مباشرة بالدعم العربي للأردن ونوايا المجتمع الدولي تجاه الحالة السياسية في الأردن.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى